بقلم محمد الناصر النفزاوي

 حديث مع شيطاني عن "أ.د.ن" ديانيي بلاد المغرب

ستنقشع  سحابة الاسلاميين نهائيا عن بلاد المغرب في 10 ماي 2012 فهل من حل حقيقي لمشكلة التخلف ؟

لا توجد علاقة أمتن من علاقتي بالشيطان منذ أن عرفته فأصبح حادِيّ الوحيدَ حتى ليمكن القول إنني لا أخطئ إلا عندما يغيب عني فلا أستشيره.

 لقد كان هو الذي هداني ،  بعد ما كنت غرّا أهرب من  الحقيقة العريانة ، الى أنه لاشيء يمكن أن يعادل  قبلة فتاة في سن الزهور لأن كل ربيع الى خريف.

أقول فتاة ولا أقول " بقرة" شبيهة بهذه البقرات الحنبليات خلقة اللائي أطلقن في "مراعي السياسة" عندنا تتحنبلن فيها مضمونا.

 كان هو أيضا من علّمني وجوب تذوّق كل شيء من منبعه الأصل قدر الإمكان اذ لاشيء في نظره يفوق التجربة الذاتية.

 وشيطاني هذا ،على عكس ما يذهب إليه العامة من الناس وغوغاؤهم وسوادهم وشعوبهم لا يحب من الناس غير الأنباض التي تفيض حياة ولذلك تأثر به شعراء كثيرون منهم هذا  الذي قال في تُونِسِه التونسية إنه "يكره ميت الزهر"إيمانا منه بفضل النور  والعقل  على  وحل المستنقعات الراكدة.

 شيطاني هذا كان كثير الشكوى ممن يُشَطّنونه جهلا وجهالة وجاهلية فينسبون إليه ما لا تصح نسبته إلا إليهم.

  ولقد دعاني ذات مرة الى مشاهدة حادثة تقع كل يوم في كل مصر وعصر وأشار بإصبعه الى أحدهم  وهو يدُس يده في زحمة من الناس في جيب آخر. و عند ما  تفطّن هذا ما وقع له وبدأ بالصراخ وقبض على الجاني ما كان منه إلا أن رفع يديه إلى السماء صارخا:

اللعنة على الشيطان!

 كان  السارق اسلاميا "صرفا" أي من كوعه الى  بوعه فلم يلمه صديقي الشيطان على ما أتى لأنه كان يرى في ذلك أمرا عاديا اذ ما وجد الناس إلا ليتصارعوا على أفضل المآكل والمشارب والمراكب والمناكح ( ايه المناكح  وصدقوني فهذا هو بيت القصيد ) خاصة عندما  يحرمون منها لفترة معينة لأسباب معينة كذلك  فصراع الأجيال والمصالح تفرض ذلك. ولكن ما لا يقبله صديقي هو الكذب وكأنه  توجد حقيقة تعلو على الحقيقة الأزلية  " ما فيش قط يصاد لربي" وهي حقيقة دفع  غوغاء التونسيين والتونسيات  ثمنا  باهظا لفهمها ولسوف يدفعون  في المستقبل غير البعيد ثمنا مضاعفا.

 كان حبيبي الشيطان  يقول ما يقول تبرئة لله وله جميعا إذ ليس لهذا ولا لذاك أن يتدخل في شؤون بشر تعودوا أن يغسلوا أوساخهم في  من هو ، مثل الله والشيطان، غني عنهم.

 سألته: وهل في الإمكان أن " يَكُبُرَ" هؤلاء  فيُغَيروا من  لعبة "الغُمّيِضة" هذه ؟

 أجاب في يقين بلا. فالبشر منذ القديم، وقبل قرطاج حتى لا نتحدث عن بدو العرب الجراد الذين ظهروا البارحة ، يحتاجون الى هذه "اللّعبة"  غير الطريفة  لتبرير صراعاتهم والى تغليف أَنْبَاضهم الغريزية ومن هنا وُلدت الإيديولوجيات ومنها الاديولوجية الاسلامية مثلما تظهر  في بلدك  تونس هذه الأيام .

 سألت صديقي الشيطان:

اذن لا جديد تحت الشمس منذ   فجر التاريخ  الذي نعرف ؟ وهل كنت مخطئا عندما اهتممت بما يحدث من مهازل في بلدي لم تعد تُضْحك حتى الصغار وسواء أكان ذلك في ميادين الفكر أم الدبلوماسية أم الاجتماع مثل مهزلة هذا "السياسي" المعاق فكريا الذي وصل به انتفاخ الضفادع الى حد القول ان تونس  تعيش اليوم نهضة جَبّتْ ما سبق من تاريخها القديم والحديث والمعاصر؟

 أجاب صاحبي الشيطان  في يقين:

 ان الحياة تفرض  وجع رأس مثل هذا.ولولا ه ما كانت حياة.ومن مظاهر هذه الحياة ما تراه في بلدك  مما حدث بعد ما سُمّي عندكم بثورة لم تعد ، في جزء، منها أن تكون مجرد "تََمَرّغ " مجموعة من الأبقار والبقرات في "رَوْثِ" قديم يمكنك أن تتبين حقيقته في أبدانهم  وأبدانهن المكتنزة اكتناز من بلغ الحد الأقصى في التعليف في حين يقود القطيعَ  عجائز من البقار في سن التبوّل في الفراش اتخذوا لهم من التمائم  "فلسفة".

ثم إنك أنت نفسك خَبرْت هذه " الكائنات الحيّة" عندما كنت مُدرّسا في  كُلية 9 أفريل فمن الذي لا تعرفه على حقيقته في مثل هذه الكُلية؟   إلا أن تكون نسيت على سبيل المثال تاريخ هذا  الذي تحول اليوم الى فيلسوف " النهضة" بعد  أن كان يخالط جماعة من " المتغربين"من غير الذين  يقتصرون مثله على شرب الشاي  في مقهى الـ "الأونيفير" ، ليتعلم منهم. لقد كان مثل كل الاسلاميين يكتفي بالسماع  والتعلّم تشْحيذا منه لـ"مذهبه الأشعري الارتدادي " ولذلك نسي بسرعة مذهلة "كبار الحومة" ومنهم عابد الجابري في يوم له مشهود وكأنه  كان  يستجيب من دون وعي  لمطلب غزالي رضعه حليبا ، أقصد عجزه الجنيني عن الاقتراب من كل مغامرة خَيّامِية.

ولنقتصر  في هذا  الأمر على ما يسمى بـ"مجال الفكر" بمعزل عما  تقوم عليه مصالح القوم "الاسمنتية الكنتولية" تناسيا منا لكارل ماركس  الذي ندعو له بالرحمة  تماما مثلما   ندعو لمحمد بالرحمة لأنهما  من طينة خلاقة واحدة .

وفعلا فان القضية تتجاوز ما كنا نعتقد ، وهما منا ، أننا بإزاء  مجرد خلاف فكري لا علاقة له بما سأسميه مستعملا  مصطلحات معاصرة بـ"مازوتية"  نوع  من البشر و"كيروزينية "نوع أخر منهم.

  فلقد خلص عندي في نهاية الأمر أن من يُسَمّوْن بالإسلاميين  إنما هم بشر مازوتيون بامتياز.

 سألت صديقي الشيطان وقد بلغ وجع الرأس مني مبلغه:

هل هذه "ألخيميا" جديدة  في الألفية الثالثة أم ماذا ؟ "أنا  أحدثك عن بلدي   الآن وهنا  وعن الصراع القائم فيه  وعن بؤس ما أرى في المجلس التأسيسي بل ما  تأكد عندي ، من لا وطنية عدد كبير ممن نراهم  في عدد من  المواقع  القضائية الاعلامية و.. ينهشون الوطن  في الوقت الذي لا يكفون فيه عن المزايدة في حبه وكأننا بإزاء  وطن دجاج والحال هي  أن الوطن اما أن يكون نسرا أو لا يكون .أنا أحدثك  عن وجع رأسي وأنت  تحيلني على قضايا ما  أنزل الله بها من سلطان .

انني أتحدث الانتخابات في تونس والجزائر يوم 10 ماي 2012 ومراكش بل ليبيا وموريتانيا  وأنت تحيلني على قضايا  لا أفهم مبتدأها من خبرها.

 تخابث صديقي الشيطان هذه المرة وقال لي متوخيا سبيل التبسيط :

كأنك لم تقتنع بمن قال مصيبا :

وأولها بآخرها شبيه.

 واذا كان يوجد   اختلاف فهو  يقتصر على ما هو كمي في الأشياء  وحتى ما يظهر منها كيفيا في بعض الأحيان  فهو  لا يعدو أن يكون مظهرا..

وضمن هذا السياق وفي صلب "لعبة الغميضة" هذه يظهر كبار اللاعبين وان اختلفوا شرائع باختلاف منابتهم وتركيبة كل واحد منهم الأساسية .ويكفيك أن تحتفظ في دماغك بما سبق أن ذكرت لك من أمر سأكرره عليك وهو  أن البشر وقبل كل شيء إنما هم  رهطان: كان ذلك قبل محمد رحمه الله وسيبقون على ذلك ما داموا بشرا :

رهط هو على انتمائه  الى البشر نملي  السلوك. وهذا السلوك يكاد أن يرتسم على وجوه أغلب من ترى اليوم في المجلس التأسيسي وفي غيره وسواء أكانت هذه الوجوه نسائية أم رجالية.  انه النملية الي يصفها البعض بالانضباط في كل شيء. ولن أفصل أكثر.

 أما الرهط الثاني فهو نحلي السلوك قادر على  الانتقال من مكان الى مكان  أي على السفر والاغتراب ولذلك كان دوما على ضعف انضباطه خلاقا.

 سألته لائما:

هذه ثنائية.

أجاب:لا أبدا. إذ  الثنائية مجرد تصوّر أو واحد من وَجْهَي حقيقة واحدة. أفلا ترى أن من النمل ما يطير أحيانا.و محمد  رحمه الله الذي كنت وما زلت ترى فيه استثناء عربيا يعد مثالا جمع بين خصلتي النمل والنحل .

فلتكتف  بما قلت لك  وانس قضية البقر وعندها ستشفى نهائيا مما ذكرت من  وجع في الرأس والمعدة جميعا.